Thursday, April 05, 2007




كهف جميل أغبش تقدِّسه الحوريات اللواتي يدعين النيادات. وفي الكهف ثمة آنية كبيرة وجرتان حجريتان ذواتا عراوٍ، فيهما يحتفظ النحل بعسله… وله بابان، باب مفتوح على الشمال يجوز للبشر الفانين أن ينزلوا منه؛ وباب على الجنوب، مخصص بالحري للآلهة، لا يدخل منه البشر، إنما هذا هو طريق المخلَّدين.
في ذلك الكهف بدأ عوليس رحلته......سوف يعاني عوليس انطلاقاً من هناك عذاباً عظيماً ويؤدي مهمات صعبة، يرشده هرمس أو أثينا عبر بحر أسود غائم عظيم. وهو في طريقه سوف يقاسي مشقات عديدة يبتليه بها آلهة آخرون مثل بوسيذون. ولسوف يفقد بطلنا اتجاهه من شوط إلى آخر لكنه سوف يُنتشَل بأعجوبة بأمر من زفس. وخطوة خطوة سوف يغوص أعمق فأعمق في البحر المظلم المبهم، طوال الطريق إلى هاذِس، وحتى يبلغ بلاد الشمس، مروراً بسكيلا وخاريبذس. وإذ يحقق عوليس هدفه فإنه يعود أدراجه خطوة خطوة إلى حيث بدأ.
عوليس هو بطل من أبطال الاوديسا اليونانية وعندما نتأمل معاً تحليل كارل ج يونج العالم والطبيب النفسي الأشهر لموضوعات عوليس نجده يستفيض في الرموز الموجودة في الأسطورة ويعبر بها تحليلا لنطاق الرمز البشري الشامل والساكن في اللاوعي البشري الجمعي
كارل ج يونج : من التنويعات الأخرى على موضوعة البطل والتنين تنويعة الـكاتافاسيس،و النزول إلى الكهف تنويعة الـنيكِيا. فلنتذكر في الأوذيسة عندما ينزل عوليس إلى العالم السفلي لاستشارة تيريسياس العرّاف. موضوعة الـنيكِيا هذه نجدها في كل مكان في العصور القديمة على امتداد العالم كله عملياً. وهي تعبِّر عن الإوالية النفسانية لانطواء العقل الواعي في الطبقات الأعمق للاوعي. ومن هذه الطبقات يُشتَقُّ سياق مشخِّص ميثولوجي لاشخصي، هو النموذج البدئي، بعبارة أخرى
ذلك النموذج البدئي من كاتافاسيس ( البطل والتنين) و النيكيا ( النزول للكهف) نجده تقريبا في كل النماذج القصصية في الحكي الأسطوري أو الديني في تاريخ العالم القديم بأكمله كما أشار يونج فهو نموذج لبطل يحارب التنين الذي يمكن ان يشير في اللاوعي الجمعي للمصاعب التي تواجه الباحث عن الحقيقة في أعماق لاوعيه الذي يبدأ منه الضمير البشري والذي يمكن أن يكون رمزه هو ذلك الكهف..بعبارة أخري رحلة عوليس في ليل نفسه المظلم؛ في بحر لاوعيه المظلم المبهم
اللوحات بالترتيب من أعلي ليان بروغيل وفيها كاليبسو الحورية الخالدة رفيقة عوليس في تلك الجزيرة التي بدأت فيها احداث الأسطورة
واللوحة الثانية لأرنولد بكلن وفيها أيضا عوليس وكاليبسو...اللوحة الثالثة لجيرارد ليريس وفيها تتبلغ كاليبسو الأمر من زفس بترك عوليس يعود من رحلته