لحظة إعلان عمر سليمان تنحي مبارك عن السلطة و أستلام الجيش لها كانت لحظة وقعت علي البعض كالصاعقة ، منهم من يعرف من هو الجيش وما كان دوره الحقيقي في إفساد مصر عبر عقود طويلة ومنهم من خاض بداخله سنوات - مثلي مثلاً كضابط أحتياط - و رأي الجيش و اقعياً.. الفساد داخل الجيش أكثر تركيزاً .. مثلاً لو كان الفساد مدنياً (واحد) فالفساد داخل الجيش ( عشرة ) .. رشاوي و كوسة و محسوبيات عيني عينك ، و قمة ما لا يمكن ان تتخيله من القذارة التي لن يراها المرء في الحياة المدنية .. هذا هو الجيش المصري بأختصار مُخل .. الأمر الذي حدا البعض للتساؤل .. كيف يمكن لهذا الجيش أن يحمي الوطن ؟ . بل كيف أنتصرنا في حرب أكتوبر ؟ .. بركة دُعا الوالدين ؟ ... أم أن السادات قد ألقي بسلاح المهندسين علي الخط و بملايين الجنود علي جبهة سيناء و أُبيد منهم من أُبيد و لكن في النهاية عبرنا و تم نسب النصر لبطل الحرب و السلام و الذي أوصي من بعده بنبي أسمه مُبارك .. الذي خلعناه ؟ .. تذكرون هذا ؟ .. الجيش فاسد و لن يأتي منه سوي الفساد .. أتذكر يوم جمعة الغضب ؟ ، يوم سقوط الداخلية عندما كان الوصول الاول لعربات الجيش مجاورة لعربات الأمن المركزي و تمويلهم بالذخيرة بدلاً من تلك التي أنتهت في صدورنا .. أنتبه البعض لذلك و قام بحرق عدد من مدرعاتهم و كانت تلك اللحظة في نظر الجيش الأعلان النهائي للوقوف في صف الزحف المليوني لشباب لا يخاف الموت ..كلهم جبناء و لا يهابون سوي القوة .. لو كان هناك مخلص وحيد فهو فقط هذا الشعب الذي نزل و اطاح بكبيرهم الذي علمهم الغباء .. لا الجيش و لا غيره منوط به تلك الثقة
الأيام القليلة السابقة ترددت عبارة في اوساط قيادات الجيش اللذين وجدوا نفسهم في خضم مسئولية لم يعهدوها طوال سنوات من النوم في الوحدات و أكل السُحت .. المفروض عليهم أن يتبنوا شرعية ثورية لا يفهمونها و لا يستسيغونها وهم أباطرة التسلط و القمع في أماكن عملهم .. ( بوظتوا البلد يا ولاد الكلب ) .. ( بوظتوا البلد يا ولاد الكلب ! ) ... أنتقلت تلك العبارة للسان العساكر الأصغر مقاماً و هم يقبضون علي الأعداد القليلة التي تظاهرت في التحرير و في أماكن أخري .. اخبار مؤكدة عن أختفاء عدد كبير من المتظاهرين ووجدهم في السجن الحربي العمومي بالهايكستب - و ما أدراكم ما السجن العمومي ! - حيث معتقلات طرة و أبو زعبل هي نوع من النعيم مقارنة ببطش الجيش في تلك
المعتقلات
الجيش يجب أن يغادر السلطة في أقرب وقت ممكن ، عن نفسي بغض النظر عن ترقيع الدستور و عن تعاطفي مع من سيقولون لا للتعديل الدستوري .. أنا سأقول نعم و سأوصي كل من أعرفهم بالتصويت بنعم ... الجيش يجب أن يسلم السلطة للمدنيين في أقرب وقت . يبدو و كأنما كلما طال مقامه كسلطة حاكمة كلما أفسد الثورة .. قبل أن ينتهي كل ما فعلناه طوال أشهر .. طوال سنوات في الواقع .. كان الجميع في نشاط غير عادي و أستعجال جميل و مليون إيفينت في اليوم و عايزين حكومة تكنوقراط و بتاع .. ماذا حدث ؟ .. أطمئن الجميع لبابا جيش بدلاً من بابا مبارك و الأثنان هم عملة واحدة لنفس القذارة ... التصويت بــ لا معناه هو أستمرار الجيش في السلطة لشهور أطول و هو أمر كارثي قد يفقد الثورة أي معني .. المظاهرات ستستمر رغم أنف الجيش .. لكن تعامل سلطة مدنية معها سيختلف بتأكيد عن تعامل بهائم الجيش معها .. الجيش يجب أن يسلم السلطة في أقرب وقت .. قبل أن يضيع كل شيء ..هدفنا الأول كان الوصول لوطن مدني ديموقراطي .. لا يجب أن ننسي هذا ... بعد تسلم سلطة مدنية مقاليد الحكم نستطيع أن نتظاهر بشكل أكثر قوة لأسقاط الدستور المهلهل و صناعة دستور جديد يليق بدولة مدنية ديموقراطية .. نستطيع حتي محاسبة الفاسدين من الشرطة و الجيش بالنظر لهم كهيئات خادمة للوطن و ليس قامعة للحريات .. حتي ان إخراج الجيش مبكراً من لعبة السلطة سينشط مطالبه الفئوية الداخلية و يجعله
أقل فساداً
أسوأ السيناريوهات - من وجهة
نظري - و هو التصويت بــ لا علي الدستور و هو ما سيفتح أستمرار الجيش في ممارسة سلطته القمعية علي التظاهرات ، في هذا الحال يجب ألا ننقسم و يجب أن نوحد مطالبنا بسرعة تعديلات جديدة مؤقتة للدستور ( معظمها نقاشات حول الروح الطائفية للمادة الثانية من الدستور وهو أمر يحتاج ربما لسنوات حتي يستوعب غالبية الناس لماذا نرفضها .. ومتاهات الشعب و الشوري و الرئاسة التي ستستغرق وقت طويل بدورها ، كل هذا لن نستطيع التركيز فيه في وجود بيضة الجيش ) و بعدها يجب أن نرجع لنشاطنا مرة أخري لتنظيم مسيرات مليونية للمطالبة بتسليم الجيش السلطة لهيئة مدنية ..
الأيام السابقة عندما لاحظ الجيش قلة عدد المتظاهرين فأنه قام بأعتقالهم في صورة أبشع من ماضي الداخلية الذي نحتفظ به في ذاكرتنا .. لو كان عدد المحتجين حتي بالآلاف ما جرأوا علي فعل هذا .. لهذا فإن التنظيم الجيد و أعادة التظاهرات المليونية مرة اخري كورقة ضغط عليهم هو الوسيلة المضمونة الوحيدة لدرأ غباءهم .. و لنتذكر أنهم الأجبن .. و ما أشد ما أكره تلك المقولات التعريصية عن أن التظاهرات تؤدي لعدم الأستقرار والفوضي .. ثورتنا تلك تغير وضع تاريخي فاسد و راسخ منذ قرون .. دعونا نكملها .. نخلصها من كافة أشكال الكهانة والقمع .. قبل أن يضيع كل شيء و في أنتظار معركة قادمة مع تجار الدين ، الزمر و الشاطر و بديع و غيرهم .. من اطلق سراحهم الآن ؟ .. هل هذا الوقت المناسب ؟ .. و لماذا ؟ .. هو الجيش أيضا؟
تسليم الجيش السلطة لهيئة مدنية أيّن كان تنظيمها أو صورتها في أقرب وقت ممكن .. قبل أن يضيع كل شيء