Thursday, February 15, 2007


جملة كثيرون قرأوها..أو علي الأقل سمعوا عنها. وكعادة ثقافتنا السطحية المعتمدة علي السمع والحكي لم يبحث أحد عن حقيقة هذه الجملة....أو لماذا قالها صاحبنا؟؟.......هو من الكفرة الفجرة وكفي

( الدين أفيون الشعوب)

كارل ماركس.....مؤسس الفكر الشيوعي

للوهلة الأول عند سماع الجملة ينتاب المرء الأرتباك والتساؤل والبعض يسرع للهتاف بأن قائل العبارة هو رجل ( أفيونجي حشاش كافر ابن كافرة) وكأنه أبو الحكم أبن هشام أو أحدي أكابر كفار قريش......مهلاً.....حتي لا تقفزون فوق ظهري وتسارعون بأتهامي بالدفاع عن ماركس أو انني شيوعي . فهذه من عادتنا الموروثة أيضا بسرعة أتخاذ الحكم بلا مداولة أوتمهل

تعالوا معي لنكمل بقية عبارة ماركس لنفهم ماذا يريد الرجل

(( أن الأنتعاش الديني هو تعبير عن الحالة الراهنة من جهة وأعتراض عليها من جهة أخري.أن الدين هو متنفس البشر المقموعين,هو الدفء في عالم لا مبال .كما أنه روحانية الظروف الاجتماعية السائدة التي لا مكان فيها للروح . الدين هو أفيون الشعوب ))

لو نظرنا للكلام السابق بعمق لوجدنا أن مفهوم القدرية والأتكالية المشهور كصفة لصيقة بالشعوب العربية بصفة عامة هو تعبير عن كلام ماركس بطريقة مختلفة وان كانت تحمل نفس المعني. فدائما هناك ظروف محيطة تجبرنا علي فعل ما لا نريده ولا تتيح لنا حرية الأحتيار ودائما هذه الظروف هي قضاء وقدر من الله ليس لنا فيها تدخل. والقسمة والنصيب هم دائما من يحددون خطط حياتنا ولا تدخل لأرادة الأنسان الحرة في أفعاله........فلان الفقير دوماً ما يلصق فقره بالقضاء والقدر و وهو مثال للسلبية والأهمال, لا يحرك ساكنا,مقموع, مهمش وغالبا ما يردد عبارات من أمثال القناعة كنز لا يفني وان الرضا رضا النفس.....كيف نتوقع من فلان ان يحرك وعيه بأتجاه قامعيه وظالميه لكي يدرك ان فقره هو نتيجة لأستكانته وسلبيته, بالطبع لا سبيل لذلك لأن فلان ربط وضعه المتردي بالسماء, وما دامت السماء هي المسئولة فليخرص الجميع ولا يتكلم أحد.....ان فلان يدرك أنه مهضوم الحق و أن غيره هو من سرق حقه في أن يعيش حياة كريمة آمنة ,هو يدرك ذلك جيداً ولكنه مكسور الهمة لا يستطيع ان يعبر عن الظلم الواقع تحت وطئته أما بسبب سلطة قمعية تمارس عليه من الخارج أو سلطة داخلية موروثة جمعياً في داخل اللاوعي الجمعي للشخصية العربية


الدين يخدر الشعوب عندما يخرج من هدفه الأساسي كحافز وواعز داخلي يربط بين حركية الأنسان علي الأرض والحياة الأخري ليصبح مجرد مظاهر شعائرية كصلاة او صوم ولا يلقي بظلاله علي حركة الانسان كمخلوق مبدع ناقد لكل ما هو سلبي وساعي لكل ما هو أيجابي ومدافعاً عن حقوقه من عدل ومساواة وحق في العيش حياة كريمة وآمنة بغير تجبر او تسلط من حاكم


الدين يخدر الشعوب عندما يستغله ما لا يعلمون عنه شيئاً في الأيحاء او قل أيهام الناس ان الدين هو عصب المجتمع من خلال برامج تليفزيونية تغرق شاشات الفضائيات وتحمل عنوانين براقة تجذب المشاهد وتستغل الدين كسلعة استهلاكية رائجة في السوق. تمتلأ هذه البرامج بشيوخ يلقون بفتاويهم الجامدة التي وضع أقربها في القرن الثالث الهجري في عصور تختلف البتة عن عصرنا هذا ويخرج المشاهد وكأنه تم تنويمه مغناطيسياً لمدة قليلة ربما تكون دقائق او ساعات او ربما ايام ليشعر أن الدنيا بخير وان الاحوال علي ما يرام مادام حملة الأيمان يستشرفون يوميا من خلال تلك البرامج....ان الاسغلال الاعلامي للدين ما هو الا نوع من انواع الاسستفادة من سلعة وجدت نفسها رائجة بين الناس ....فخلال سنوات من الوعظ والدعوة التي يحمل لؤائها الذين يدعون الدعاة الجدد كعمرو خالد وغيره لا نجد أثراً واضحا قد القي بظلاله علي الناس من تلك الجلسات الوعظية التي تنتهي ببكاء المشاهدين ولا حتي علي النطاق الاخلاقي الذي يزداد تفسخاً يوماً بعد يوم


الدين يخدر الشعوب حينما يتصور الناس ان كل بلاء يقع بهم هو قدر محتوم ولا يتفكرون قليلا ليجيبوا علي الأسئلة التي يقيناً ما تأتي في اذهانهم ويتغافلون عنها....لماذا البلاء دائما ما يقع عندنا؟....لماذا أكثر حوادث القطارات والباخرات التي تحمل الفقراء تقع في مصر ولا تحدث في الغرب او حتي دول الخليج ؟؟....قد تجد وقتها اجابات من نمط انما هو ابتلاء من ربكم وكأن المجيب قد تلقي الرسالة من السماء لتخبره ان غرق عبارة السلام هو ابتلاء سماوي لأننا مجموعة من العصاة ويستمر الظلام ليخيم علي الأحداث وليخفي الأسباب الحقيقية من فساد واهمال وتسيب وخلافه من اسباب هي السبب الحقيقي لتخلفنا والتي ترتبط ارتباط وثيق مع اتخاذنا الدين كوسيلة نرجع اليها حينما تشتد بنا وطأة الكوارث ونشعر ان علينا ان نبذل مزيد من المجهود .....في تلك الساعة....ساعة التنوير والعمل تجد المنوم جاهز للعمل لشل حركة الناس....قد يأتي هذا المنوم من الخارج بمزيد من البرامج الدينية والأحداث السياسية والأنتخابية التي توحي بأنتشار التيار الديني في السياسة كفوز الاخوان بمزيد من مقاعد مجلس الشعب مما يوحي للناس بأنه سيأتي اليوم التي تفك فيه المظالم عندما يحكم هؤلاء........وقد يأتي المنوم من الداخل....أعني من داخل انفسنا والتي اصبحت هي الأخري جاهزة لتبرير اي اسباب للسلبية والاتكالية وبطريقة دينية مقنعة للنفس ان كانت متهافتة اذا تم مناقشتها مناقشة منطقية