Tuesday, September 14, 2010



الرواية تفكك العالم

ممدوح رزق

=====

لن تستغرق وقتا طويلا حتى تدرك أن ( دوار البحر ) ليست مجرد لافتة مجازية تربط بين الخيوط الدلالية المحرّكة لمغامرة سردية تمتلك الوعي الجمالي والفلسفي الضروري لانتاج رموزها واقتراحاتها الاستفهامية الخاصة ؛ كما أنها أيضا ليست مجرد عنوان مباشر لأسطورة سكندرية مشار إليها في الصفحة 128 من الرواية وتحكي عن بحر الاسكندرية الدائخ بين مد وجزر والذي أصاب بعض الساكنين حوله وبقربه بنفس الدوخة والدوار ؛ حيث يختار البحر طبقا للأسطورة من يورثه دواره من حالمي الأعين والحائرين والمتسائلين والمتسامين مع سحر المعنى والبحر والشروق والغروب والأفق والنهاية والحياة والموت .. ( دوار البحر ) أيضا وعلى المستوى الشكلي هي الطريقة التي كتبت بها الرواية فهي تجسد صراعا مدوخا بين مقاطع قصيرة ذات طبيعة متشظية من التأملات والاقتباسات والحكي المتناثر ويحكمها القلق والخوف بشهوة وحشية مما يجعلها تعيش حالة متعددة المستويات من الفوران الذهني أو فلنقل من ( المد والجزر ) .
لن تستغرق وقتا طويلا أيضا حتى تدرك أن كل مقطع مكثف من الرواية يصلح كمركز للسرد وستدرك أيضا في نفس الوقت أنه لن يكون هناك أي مركز بل ستلمس بوضوح نية الانفلات من أسر المركزية أو بالأحرى تعمد هدم أي مركز محتمل حتى مع يقينك بأن أي مقطع من مقاطع الرواية يصلح كأساس مناسب يمكن تشييد ( دراما ) جيدة عليه وتطويرها وفقا لأي نموذج كلاسيكي للرواية التقليدية ولكن يتم التخلي عن ( هاجس البناء ) المعتاد لصالح لعبة جدلية تورطك في الاستجابة لظنونها ومسايرة ما يمكن فهمه على أنه قواعد لأداءاتها ثم تخطفها منك وتقوم بتفتيتها لتبدأ في خلق تصورات بديلة كي تمنحها إليك لتتعايش معها ثم تأخذ طريقها للذوبان هي الأخرى من جديد .

مدخل الرواية يبدو كباب يقف على عتبته الكاتب ليساعدك على تخطيها وفقا لقناعة ذاتية فرضت هذا الإجراء الذي أراد أن يؤكد لك من خلاله قبل الدخول إلى هذه التجربة الروائية بأنه ـ أي الكاتب ـ لا يواجه مشكلة سواء تم اعتبار العمل رواية أم لا وهذا ما يستدعي في تصوري تساؤلا أراه بديهيا وهو إذا كان الأمر كذلك فما هو السبب الذي يفرض هذا الحرص على تأكيد تلك هذه النقطة تحديدا ولماذا لم يتم تركها لحسابات القاريء الشخصية ؟ أم أن هذا الحرص يكمن وراءه انشغال قبلي من الكاتب بقضية التصنيف مما دفعه للتدخل واللجوء إلى دفاع استباقي يحميه من إقصاء ممكن للعمل عن ( فن الرواية ) خاصة أن الوصف الذي قرر إعطاءه له وأعلنه على الغلاف الخارجي للكتاب هو ( رواية ) ؟! .. عموما وبصرف النظر عن كون الكاتب يشير إلى استيعابه بأن روايته لا تأخذ الشكل الشائع والمعروف للرواية مما يجعله مرنا في قبوله آراء الآخرين حول التصنيف وبصرف النظر أيضا عن أن من أهم مميزات الرواية الجميلة ـ كما أراها ـ هي تنكرها ومخالفتها للأشكال الشائعة والمعروفة فإن أهم ما جاء في هذا المدخل هي طرح فكرة كتابة رواية عبر تجميع قصاصات ورقية مكتوبة على مدار سنوات وارتباط هذه الفكرة بعدم حدوث أمر جديد ـ أيا يكن ما هو ـ يحرّك ( النهر الساكن منذ أمد ) بحسب تعبير الكاتب نفسه والذي يشمل الناس والأقوال والأفكار والأحداث وهو ما يعني بالنسبة لي غياب المعجزة التي تأتي بالحقيقة الأكيدة وما ينتج عنها من فهم كامل وثابت ويقين لا يشوبه نقص أو خلل تجاب معه على كافة التساؤلات والإشكاليات الكونية وبما يضع حدا للألم والحيرة والشك .

سطور ( جاك دريدا ) عن ( الخوف من الكتابة ) والتي تبدأ بها الرواية كانت أشبه برسالة ضمنية من السارد إلى القاريء يريد أن يوثق من خلالها شروط اللقاء المعرفي بينهما أو بشكل أدق ( اللاشروط ) التي سترعى ذلك السياق المفتوح لجميع الاحتمالات والذي لا يجب تأطيره أو تحديد معادلات ملزمة تجبر حسه التأويلي على اتخاذ قرارات حاسمة أو تبني انحيازات سابقة التجهيز ومثقلة بهوية سبق تتبع مساراتها في تناول العالم .. في هذه السطور كتب ( دريدا ) عن المنهج التفكيكي الذي يزلزل استقرار الثوابت أو يسبب قلقا أو يجرح الآخرين كما كتب عن الشعور بالمسئولية الذي يملي عليه أن ما يكتبه هو ما يجب أن يُكتب وأيضا تحدث عن الرعب الذي يجعله في بداية النوم يكون لديه انطباع بأنه ارتكب جريمة ما والذي يختفي عندما يستيقظ ليتخلص من الانتباه والحذر ويفعل ما يجب أن يفعله .

لو وضعنا ( هدم المركز السردي ) و( القصاصات ) و( عدم حدوث أمر جديد يحرّك النهر الساكن منذ أمد ) و( الخوف من الكتابة ) في حالة تشابك هل يصبح لدينا تصور ما عن طبيعة الرواية أو الملامح العامة لها وبالتالي الفضاءات التي ستختبرها ؟ .. ما سنقرأه هو تحقق واضح وفريد في رأيي لأفكار ( دريدا ) حول ( خلخلة الميتافيزيقا ) حيث النص ( مرجعية ذاته ) بفعل تكسير المسلمات الأخلاقية المستندة على المركزيات التي حكمت التراث الميتافيزيقي : ( العقل ) و( الصوت ) و( القضيب ) والمتمثلة في أولوية الحضور والمعنى والروح والطبيعة والتصور ( الأبوي ) عن العالم .. هذا التحقق لا يعتمد على الاستشهاد أو الاقتباس ولا يقف عند حدود استدعاء المنجز الفلسفي ومناقشته بشكل مباشر بل يتجلى بعمق وفي المقام الأول من خلال الحضور السردي نفسه وتفاصيله المراوغة وتقاطعاتها النسقية .

في الجزء الأول من الرواية والذي يحمل عنوان ( هذا هو اسمي ) يقوم الكاتب برسم ما يشبه ( بورتريه ) لنفسه عبر ممارسات وتوظيفات عدة : مقاطع شعرية له ولآخرين كـ ( محمد ابراهيم أبو سنة ) .. سطور نثرية مكثفة .. تساؤلات مجردة .. عرض مقتضب لأفكار ذهنية وخواطر تأملية .. إضاءات لمناطق معينة من الماضي .. اقتباسات من ( لماذا أنا ملحد ) لـ ( اسماعيل أدهم ) و( هكذا تكلم زرادشت ) لـ ( نيتشه ) مع مقارنة عابرة بينه ـ أي ( نيتشه ) ـ و( سارتر ) في ما يسمى بـ ( القلق الوجودي ) و( الهم المعرفي ) وأيضا اقتباس من ( المصادفة والضرورة ) لـ ( جاك مونو ) ثم حكي متقطع عن إنهاء السارد لخدمته كضابط احتياطي في الجيش بأسيوط ورجوعه إلى مدينته الاسكندرية ثم افتتاحه لعيادته التي تأجل افتتاحها أعواما .. ماجعل هذا الحكي متقطعا هي التعرية المستمرة للأرق الباطني للراوي والذي ظل أيضا يتخلل المقاطع الشعرية والسطور النثرية والاقتباسات .. كشفت هذه التعرية عن ( رعب اللامعرفة ) الذي يواجه به الكاتب مشكلات الحرية والجبرية والقضاء والقدر والعدل الإلهي والحقيقة .. هذا ( الرعب ) ـ على عكس ما يبدو ـ لم تؤكده إجابة السارد على سؤال أحد أصدقائه ( انت واصل لحقيقة مريحاك ؟؟ ) فقال له ( أبدا ،،،، أبدا ،،، انت نفسك ممكن تحس بأن كلما الواحد عرف أكثر زادت حيرته وأصبحت الحقيقة كائنا مشوشا ملغزا يبتعد ولا يقرب ) .. هذه الإجابة لم تؤكد الرعب بقدر هذه الفقرة التي تحمل خطابا داخليا من الراوي إلى نفسه : ( أرفض أن أتصور أن كل حياتي مكتوبة قبل ميلادي .. أرفض هذا بشدة .. أوافق أنه ليس للإنسان إلا ماسعى … وأن سعيه سوف يرى … أتفق مع تلك الرؤية … ما قيمتي كإنسان إذا آمنت بأن كل فعل ارتكبه هو من فعل الله وما أنا سوى تجربة مروية سابقا يشاهدها رب عاطل من جديد وهو يحتسي شرابه من فوق عليائه ؟؟ .. ما قيمتي ؟؟ … أتذكر قولة المعتزلة : أن كيف يكتب الله في قرآنه الأزلي تبت يدا أبي لهب وتب قبل أن يولد بملايين السنين ؟؟ …. ألا تقتل تلك الفكرة المترسخة بأعماق مسلمي اليوم صفة العدل الإلهي من أساسها ؟؟ ) .. هذا الخطاب يستمد بشكل كلي طاقته من وعي شرس يدرك معنى الفقدان وما يترتب عليه من نتائج : فقدان الحرية ، وفقدان الإله .. الإيمان بحرية الإرادة الإنسانية وما يترتب عليها من أفعال تحدد القدر والمصير في مواجهة التصور القاسي بأن هذه الإرادة وهذه الأفعال لا قيمة لها وأنها لن تغيّر بأي حال من الأحوال المسار المعد سلفا للحياة والموت ولن تجعل العالم يتعطل عن تنفيذ المشيئة المقررة له في الغيب مما يستوجب تلقائيا الإيمان باستحالة هذا التصور .. الإيمان هنا يوازي الرعب والتوسل العميق من ألا يكون الأمر هكذا فعلا وبالضرورة فالتوسل يستوعب جيدا أن كل الاحتمالات ممكنة .. أما الإيمان بالإله فهو وجود عدل ما ورائي وحكمة لا تترك مجالا للعبث ومن ثم لا تترك مجالا للعدم لأن وجود إله عادل يمتلك الحكمة سيعني عدم ضياع الإنسان وحريته ومصيره ( سعيه سوف يرى ) وبالتالي سيكون للحياة والموت معنى وقيمة مقدسة تستحق من أجلها أن تعاش كافة التجارب مهما كانت مؤلمة ومحيرة ومهما كانت فاقدة القدرة على الإقناع أوعلى تبرير نفسها .. كل هذا في مواجهة التصور القاسي أيضا بأنه لا وجود لإله أو لا وجود لعدل يحمي الإنسان سواء في الدنيا أو بعد الفناء مما يستدعي بديهيا الإيمان باستحالة هذا التصور .. مرة ثانية فالإيمان يوازي الرعب والتوسل الذي يستوعب جيدا أن كل الاحتمالات ممكنة .
علينا أن ننتبه أيضا إلى أن الإيمان بحرية الإرادة يستبعد المسؤلية الأخلاقية للإله تجاه ما يحدث للإنسان حيث يتشارك الفرد في هذه المسؤلية أو يتحمل الجانب القبيح منها بشكل أدق مما يؤكد منطقيا الصورة المثالية لهذا الإله ويحافظ عليها باعتبار أنه دائما منتج للخير أما الإنسان فهو منتج للشر .
أتذكر الآن ( هيدجر ) في محاولته للتوفيق بين طمأنينة الإيمان الديني وقلق ( الدازاين Dasein ) أي الوجود البشري من حيث هو تحديد للكينونة أو الوجود الذي نكونه نحن أنفسنا والذي له بواسطة وجوده من بين أشياء أخرى إمكانية طرح الأسئلة ؛ تحدث ( هيدجر ) عن حسن الجوار بين ( الدازاين ) والوجود قائلا : ( في هذا القرب للوجود من الوجود وفيه وحده يجب أن يتقرر وإلى الأبد، هل ما إذا كان الإله والآلـهة ستظل ممتنعة عن التجلي وكيـف يحصل هذا الامتناع ؛ وهل ما إذا كان الليل سيستمر؛ وهل ما إذا كان نـهار المقدس سيشرق ؛ وكيـف سيكون ذلك الشروق ؛ وهـل ما إذا كان من الممكن لتجلي الإله والآلـهة في هذا الفجر المقـدس أن يبدأ من جديد وكيف ) .. أتصور أن هناك تقاربا كبيرا بين الحالتين .. كلتاهما تزاوجان بين الأمان والجزع وتكشفان عن الكيفية التي يقود بها كلا منهما للآخر تحت وطأة الانتظار الثقيل .

هناك حكاية ذكرها الكاتب في الجزء الأول من الرواية أجدني في حاجة لتثبيتها هنا دون تحليل لأنني سأعود إليها فيما بعد :
( جبل سحابة وجبل ظرافة .. هي جبال يحتل سفحها كتائب للجيش ولتوصيل المياه إلى أفراد الكتائب القاطنين فيها ، كان الحمار هو الوسيلة المثالية للصعود لسفح الجبل نطرا لانخفاض كفاءة عربات الجيش المضعضعة وعدم قدرتها على اعتلاء السفح الجبلي .. فكان الحمار المسكين هو الضحية .. كل يوم ينزل الصول ( عمر ) مع الحمار المنكوب الساعة السادسة صباحا ليحصل على حصته من المياه من مستودع ما للمياه ويحملها على ظهر الحمار ويقفل راجعا إلى أن يصل إلى بداية السفح الجبلي ، والعرق قد بلل ثيابه وجسده السمين ليمتطي الحمار الذي سبق وحمل الماء .. المطلوب الآن أن يصعد الحمار عبر السفح المنحدر إلى الكتيبة عبر مدق صاعد طوله ثلاثة كيلومترات حاملا الماء والصول ( عمر ) كالفيل الذي يمتطي فأرا .. وعبر سنوات الخدمة ظل الحمار صابرا محتسبا لعمله إلى أن جاء صباح يوم كئيب والحمار يحمل الماء والصول السمين في رحلة الرجوع الأليمة .. يعشى الصول ( عمر ) النعاس مع التعب اعتمادا على حفظ الحمار للطريق .. يقف الحمار لوهلات ربما ليلتقط أنفاسه .. ترتعش أذناه الطويلتين لتكادا تقتربان من لمس بعضهما البعض .. إنها بشائر رياح الشتاء حيث يقل مجهود العمل بفعل برودة الجو .. يتحرك الحمار خارجا عن طريق المدق وكأنما أمر قد أتاه بالتحرك في ذلك الاتجاه من قائد مجهول .. يرى جرف الجبل يقترب ولكنه يستمر في مواصلة الهرولة .. يسرع الحمار في طريقه نحو جرف الجبل ليستيقظ ( عمر ) والحمار على بعد خطوات قليلة من الجرف .. لا تكاد الكلمات تخرج من حنجرته ويكون الحمار قد طار قافزا نحو الهاوية ) .

في الجزء الثاني من الرواية والذي يحمل عنوان ( لماذا أنا ،،،، ؟ ) سنتعرف على ( عبد الرحمن ) العامل الفني في شركة كهرباء الاسكندرية والذي فقد زوجته وطفله في حريق قطار الصعيد الشهير .. ( عبد الرحمن ) سيتعرض لحالة تصادم بينما يسير تائها نتيجة ما حدث له وسيأخذه أحد المارة إلى عيادة السارد .. لن تتوقف ( المصادفة ) عند هذا الحد بل سيذكر الراوي / الطبيب كيف رأى في عيني ( عبد الرحمن ) كاميرا سجلت ملايين الأحداث تجمع بين اليومية العادية والأخرى التي ليست عادية .. هل وجد الكاتب حياته وذاته داخل هذا العالم الكامن في هاتين العينين ؟ .. هل قصدت المصادفة ـ لإدراكها بما يعييشه السارد من قلق ـ أن ترسل إليه خبرة تليق به كي يتفحص نفسه من خلالها وتساهم في تعميق أسئلته بواسطة تجاربها والتي ستسعى في المقابل للتوحد مع هذه الأسئلة لتصير جزءا منها ؟ .. ستزداد هذه الاستفهامات حساسية وتوهجا حينما نعرف أن ( عبد الرحمن ) هو حفيد ( اسماعيل أدهم ) صاحب كتاب ( لماذا أنا ملحد ؟ ) والذي كان يدعوه جد السارد بـ ( ابن الكلب ) وهو الذي لم يقرأ الكتاب وإنما كان يدافع بشدة عن حقيقة إيمانه بوجود الله وينتقد بشدة أي آراء إلحادية ولكنه في أعوامه الأخيرة وحينما غزته الشيخوخة بأمراضها وازدادت عليه أعراض الزهايمر تملكته تخاريف غير مألوفة أخذت منحى إلحادي فراح يهدم المقدسات في أحاديثه مع حفيده / الراوي ويحكي قصصا وأحلاما غريبة .. نحن إزاء حفيدين إذا يحمل كلا منهما ميراثا متشابها مهمها اختلفت تفاصيله ولدى كلا منهما واقعا يتجلى فيه هذا الميراث بعنف وكان على هذا اللقاء أن يحدث بينهما كأن ثمة روح كونية مجهولة تدبر بشكل خفي هذا الانجذاب عبر الزمن بين الأرواح التي تنتمي لسلالة تختزن هما ماضويا واحدا حتى لو أخذ هذا الاختزان طبائع متباينة وحتى لو اتخذت أشكال وجوده الآنية مظاهر متنوعة .. أيضا تدل صدفة اللقاء هذه بين الحفيدين على تحول العالم في لحظة معينة وبكيفية غامضة إلى لعبة مرايا وحشية يمكن للواحد فيها أن يرى نفسه عبر الآخر كي يتفحص كيانا باطنيا يخصه ويجسد أمام عينيه انشغالاته وهواجسه في صورة إنسان آخر يبادله نفس التجسد ونفس التفحص .. هل هذا يجعلنا نفكر دائما في ماذا تعني ( المصادفة ) ؟ .. أعتقد أن هذا السؤال ( ضرورة ) من ضروريات الرواية التي يهمني التأكيد أيضا على أنها نابعة من ( مبدأ عدم اليقين ) الذي حدثنا عنه ( آلان روب غرييه ) حيث أن الذي يتكلم ليس هو الله باعتبار العالم مفهوما ويمكن تفسيره مثلما فعل ( بلزاك ) مثلا وإنما الذي يتكلم هو كائن بشري لم يفهم العالم مثلما فعل ( ألبير كامي ) في ( الغريب ) ومثلما فعل ( أيمن الجندي ) في ( دوار البحر ) .

كان هناك حرص واضح من الكاتب على تمرير القلق وتفعيله ومن ثم الكشف عن الوجود المتعدد للعنته الحميمية الخاصة باستخدام كافة الأشكال الأدبية والفنية : الشعر .. الموسيقى .. الفن التشكيلي كأنما كانت فكرة ( البانوراما ) أو النظرة الشاملة تمثل هاجسا ملحا في أعماقه دفعه للسعي نحو الإحاطة بمجالات الفن المختلفة لزرع هذا التزاوج الثري بين السرد والفلسفة وعلم النفس وتطويره لإعطاء حالة جمالية لم تستفد منها الرواية فحسب بل في تصوري أنها أضافت الكثير لأفكارنا عن فن الرواية بشكل عام وما يمكن أن يكون جديرا به من تنويعات معرفية مختلفة.

( عشق الموت .. أخشى هذا .. بالفعل تراودني تلك الأيام ميول انتحارية .. يقولون إن علاج تلك الحالة بالجلوس أمام المرآة في ضوء خافت لفترات طويلة .. هراء .. محض هراء )
الآن جاء الوقت الذي عليّ أن أعود فيه إلى قصة انتحار الحمار التي قمت بتثبيتها سابقا دون تحليل .. أي جبل يصعده الراوي وينزله كل يوم ؟! .. ما هو الثقل الهائل الذي يحمله ؟! .. ماذا سيجد لو قرر أن يطير قافزا نحو الهاوية ؟! .

* * *

أخبار الأدب
22 / 8 / 2010

1 comment:

علان العلانى said...

فى عين اللجة

لماذا هى ثورة كاملة

الثورة ليست فعل تغيير و فقط ولكنها فعل تطهير كون النظام فاسدا وكونه ظالما وكونه عميلا وكونه قاتلا وكونه كاذبا وكونه خائنا كل هذا كان معروف لرجل الشارع فى مصر ومعروفا ايضا لرجل الشارع فى العالم العربى لان رؤسائهم كلهم اشباه لمبارك والذى يعتقد ان هذه ثورة مصر فقط فهوواهم ومشتبه عليه وليفعل فعل بسيط هو ان يقلب فى القنوات الرسمية فى العالم العربى ويرى ماذا تعرض قنوات كل النظام العربى ويتسائل لماذا اختفى صوت الجامعة العربية ولماذا لجأ رئيسها الذى انتخبوه الى ميدان التحرير اين اللجنة الرباعية وماذا تقول ماذا عن موقف الأمم المتحده ومن يا ترى قد طالب بأن يعقد اجتماع لها ان هناك صراع على الشرق الاوسط كاملا ومن يعتقدون ان شباب مصر يحارب من زبانية مبارك فقط واهمون ان اشرار العالم كله يتآمرون على هذا الميدان, ان الساقطون فى كل العالم يتآمرون على هذا الميدان وليعلموا ان فلاسفة السياسة فى العالم كله يجلسون كتلاميذ يسمعون المحاضرات التى يقدمها هذا الميدان ويراقبون الصورة المهيبة لتحركات ملايين من الشعب المصرى المتوجهة الى هذاالميدان الثورى يستمعون لهتافاته يراقبون صلواته ويتعلمون ويفكرون..... وان شياطين الفساد والشر والتحكم فى العالم قاعدين منها مقاعد للسمع. إن مصير باراك حسين اوباما سيتحدد هنا ان نتنياهو سوف يتحدد مصيره هنا واقول للعقلاء ومن يوافقون على تقرير جلدستون فى تل ابيب اذا كنتم تشفقون على اتفاقية كامب دفيد فاخرجوا المظاهرات فى تل أبيب ضدد نظام مبارك فاذا كانت اتفاقية كامب دفيد يحميها مبارك فقد سقط مبارك وعمر سليمان ..

يا شباب العالم انشأوا ميدان تحريركم

يا شباب اسرائيل انشأوا ميدان تحريركم
اذا كان يمكن ان يكون لكم ميدان تحرير تتحرروا به من جرائم حكوماتكم فالزمن القادم لن يكون الا لمن يتحرروا ويتطهروا